إن اختيار استراتيجيات التدريس للمواقف
الصفية المتعددة لا تكون عشوائية بل لا بد من النظر في اختيارها بطريقة علمية
فهناك مجموعة من العوامل المتداخلة التي تؤثر في علمية التدريس وبالتالي
يجري تحديد التدريس على أساسها
إن لكل محتوى درسي خصوصيته التي تميزه عن
غيره من المحتويات الدراسية الأخرى.
فالقرآن الكريم مثلا، لا تجوز تلاوته
بالمعنى، لأنه كلام الله تعالى المعجز المتعبد بتلاوته المنزل على رسول الله محمد
- صلى الله عليه وسلم. وتلاوة القرآن بالمعنى تفقده إعجازه، فالكلام الجديد ليس
كلام الله تعالى ذاته المنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم- بل هو كلام البشر،
والناس يتفاوتون من حيث قدراتهم على التعبير، وفصاحتهم وفهمهم، وصاحب القول أدرى
بمراده، ولن يحسن أحد أن يعبر عن مراد الله إلا هو - جلا وعلا- أو من اصطفاه من
البشر لنقل مراده، وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم. والنبي - صلى الله عليه وسلم-
بلغ الأمانة، كما أنزلت عليه من غير نقص أو زيادة. فتعليم القرآن لا يصلح له ما
يصلح للحديث الشريف أو الفقه.
النتاجات السلوكية
من المعلوم أن الهدف تغير في السلوك،
وأنه متوقع الحدوث في ظل شروط معينة، وخلال فترة زمنية محددة. وفي التربية
الإسلامية، فالهدف السلوكي يتغير من مادة دراسية إلى أخرى، كما يؤثر
في أسلوب التدريس في الوقت ذاته.
فمثلا، عند تدريس مادة التلاوة وأحكام
التجويد تتوجه الأهداف السلوكية نحو إتقان النطق ومعرفة أحكام التلاوة وحسن
التطبيق العملي للقواعد الحاكمة للتلاوة، وهذه الأمور لا تتحقق من خلال قراءة
النصوص والرجوع إلى المراجع الأصيلة، بل لا بد لها من معلم متقن ومتعلم واع راغب
في العلم مخلص في طلبه. وهذه الأمور تعني أن المحاكاة والتقليد هما الأسلوب الأمثل
والأنسب.
وأما مادة الفقه فتحتاج إلى معرفة القواعد
والضوابط التي يسترشد بها الفقيه في استنباط الأحكام الشرعية العملية من مصادرها
الأصيلة: الكتاب الكريم والسنة النبوية والإجماع، ومن ثم تنزيل الأحكام على
الحوادث، لمواجهة المستجدات والظروف الطارئة. وهذه تقوم على إعمال العقل والقياس
والاستقراء وغير ذلك، فالأسلوب التدريسي فيها أساسه الحوار والمناقشة.
ولقد اتفق المهتمون بالتربية والتعليم على
أن المعلم المتميز هو الذي يستطيع إحداث التغيرات المرغوبة في سلوك المتعلمين، على
ضوء الأهداف التربوية. وأن الخدمة الوظيفية لا تعني خبرة مهنية ، فكم من معلم حديث
العهد بالعمل استطاع أن يستوعب خبرات تعليمية كبيرة في فترة وجيزة، وكم من معلم
أمضى في وظيفته السنين والأعوام بقي على حاله دونما تطور في الأداء أو تحسن يلاحظ
فيذكر. إن عملية التعليم علم وفن وذوق ونية وأمانة. ومعلم التربية الإسلامية هو
الذي يتولى عملية تعليم أناس آخرين، وإكسابهم المعارف والخبرات والمهارات، ويسهم
في بناء القيم والاتجاهات عندهم وتطويرها مستنيرا بالشريعة الإسلامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق